بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين .. أما بعد ،،السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأولا وقبل كل شيء ، علينا أن نفقه أن التوبة واجبة
وجوبا حتميا على كل مذنب اقترف ذنبا ، والتوبة بمعناها اللغوي الرجوع ،
وأما بمعناها الشرعي فهي الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعته .
وأعظم التوبة وأوجبها هو توبة الكافر .. قال تعالى : { قل للذين كفروا إن
ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } الأنفال ( 38 ) .. ثم تأتي التوبة من كبائر
الذنوب ، ثم صغائرها .
وللتوبة ثلاثة شروط، ولكن لها توابع تجعلهاخمسة نذكرها هنا بشيء من الإيجاز :
1- الإخلاص لله في التوبة : بأن يتوب العبد لله لا يقصد بتوبته أحدا ولا شيئا سواه تعالى ، فلا يقصد دفع ضر ولا جلب منفعة .
2- الندم على المعصية : وهو أن يستشعر أنه قد أخطأ بمعصيته التي يتوب منها .
3- الإقلاع عن المعصية : فإن كانت المعصية ترك واجب ، وجب فعله إياه :
كقاطع الرحم توبته أن يصله ، ومانع الزكاة توبته أن يؤديها ، وهكذا .. وإن
كانت المعصية فعل محرم ، وجب تركه .
والذنب إما أن يكون بين العبد وربه ، فتوبته ما ذكرنا .. وإما أن يقع بين
عبدٍ وآخر ، فتوبته أن يؤدي حق صاحبه ، فإذا سرقه أن يعيد ما سرق ، وإن
ضربه أن يمكنه من أن يقتص منه ، وإلا طلب منه أن يسامحه ، حتى وإن كان ذلك
مقابل مال أو ما شابه ، ليبرأ إلى الله من ذمته .
فإن كان معصيته على أخيه أن اغتابه ، كانت كفارته أن يحسن من ذكره في
المجالس التي اغتابه فيها ، وقيل في التسامح منه ثلاثة أقوال : الأول أن
يذهب فيطلب منه العفو والسماح ، والثاني أن لا يعلمه ويكتفي بالتوبة ..
والثالث ، وهو الأرجح ، أن لا يذهب إلى صاحبه إلا إذا تيقن من أنه قد سمع
عن الغيبة ، فيذهب إليه ويطلب عفوه ، وإلا فلا يذهب .
4- العزم على عدم العودة إلى المعصية : فإن قال العبد : ( اللهم إني أتوب
أليك من ذنبي ) ثم تجد في قلبه أنه في نيته العودة إلى ذنبه ، كان كاذبا
على ربه ، وكانت توبته كاذبه ، لا تقبل ولا تصح .
5- أن يكون في زمن تقبل فيه توبته : وهناك زمنان ينغلق فيهما باب التوبة ،
الأول حين وفاة العبد ، مصداقا لقول الله تعالى : { وليست التوبة للذين
يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدَهم الموتُ قال إني تبت الآن } النساء ( 18 )
.
والثاني إذا أشرقت الشمس من مغربها ، قال تعالى : { يوم يأتي بعض آيات ربك
لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا }
الأنعام ( 158 ) .. وكلمة بعض تدل على عدد ، أقله واحد .. والمقصود بـ (
بعض آيات ربك ) : أي بعض علامة قيام الساعة ، وهي شروق الشمس من مغربها ،
كما دل عليه الحديث السابق .
فائدة : قال الله تعالى : { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } النور ( 31 )
قوله تعالى : { لعلكم تفلحون } دليل على أن التوبة سبب لفلاح الإنسان
تقبل الله منا ومنكم