جولة فى واحات كتب الحديث
دأب الناس على التوجه الى الصحيحين فى حال بحثهم عن حديث معين
من أحاديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لما للصحيحين من مصداقية عند الجميع
وصحة كل ما بهما من أحاديث
وهذا التوجه قد جعلنا نغفل عن بعض كتب الحديث القيمة أو حتى المعرفة القليلة عنها
وبإذن الله سنلقى بعض الضوء على تلك الكتب التى تذخر بنور السنة الشريفة
=========
شروط ابن حبان فى الرواة الذين روى عنهم
توقفنا في الحلقة الماضية عند توضيح بسيط للأقسام الخمسة لصحيح ابن حبان
وكانت كما يلي :-
أولها الأوامر التي أمر الله عباده بها
والثاني النواهي التي نهى الله عباده عنها
والثالث إخباره عما احتيج إلى معرفتها
والرابع الإباحات التي أبيح ارتكابها
والخامس أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي انفرد بفعلها
و نستأنف على بركة الله الإبحار مع صحيح ابن حبان
شروط ابن حبان فى الرواة الذين روى عنهم
يذكر بن ابن حبان خمسة شروط فى الرواة ذكرها مجمعة
ثم شرح تفسيره لكل شرط بعدها والشروط الخمسة يقول عنها فى مقدمة صحيحه
وهى :
اجتمع في كل شيخ من الرواه خمسة أشياء
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه
والثالث العقل بما يحدث من الحديث
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي
والخامس المتعرى خبره عن التدليس
فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس احتججنا بحديثه وبينا الكتاب على روايته
وكل من تعزى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به
ويعود ليشرح لنا تفسيره لكل شرط منهم فيقول رحمه الله
العدالة في الإنسان
هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال
أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها
بل العدل من كان ظاهرا أحوله طاعة الله والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله
وقد يكون العدل الذي يشهد له جيرانه وعدول بلده به
الصدق في الحديث بالشهرة فيه
وقد يكون غير صادق فيما يروي من الحديث لكن هذا شيء ليس يعرفه إلا من صناعته الحديث
وليس كل معدل يعرف صناعة الحديث حتى يعدل العدل على الحقيقة في الرواية والدين معا
العقل بما يحدث من الحديث
هو أن يعقل من اللغة بمقدار ما لا يزيل معاني الأخبار عن سننها
ويعقل من صناعة الحديث ما لا سند موقوفا أو يرفع مرسلا أو يصحف اسما
العلم بما يحيل من معاني ما يروي
هو أن يعلم من الفقه بمقدار ما إذا أدى خبرا أو رواه من حفظه أو اختصره لم يحله عن معناه
الذي أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معنى آخر
المتعري خبره عن التدليس
هو أن كون الخبر عن مثل من وصفنا نعته بهذه الخصال الخمس
فيرويه عن مثله سماعا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
====================
يضيف ابن حبان مثال لما اتبعه
وربما أروي في هذا الكتاب واحتج بمشايخ قد قدح فيهم بعض أئمتنا
مثل سماك بن حرب وداود بن أبي هند ومحمد بن إسحاق بن يسار وحماد بن سلمة
وأبي بكر بن عياش وأضرابهم ممن تنكب عن رواياتهم بعض أئمتنا
واحتج بهم البعض فمن صح عندي منهم بالبراهين الواضحة وصحة الاعتبار
على سبيل الدين أنه ثقة احتججت به ولم أعرج على قول من قدح فيه
ومن صح عندي بالدلائل النيرة والاعتبار الواضح على سبيل الدين
أنه غير عدل لم أحتج به وإن وثقة بعض أئمتنا
وإني سأمثل واحدا منهم وأتكلم عليه ليستدرك به المرء من هو مثله
كأنا جئنا إلى حماد بن سلمة فمثلناه وقلنا لمن ذب عمن ترك حديثه لم استحق حماد بن سلمة
ترك حديثه وكان رحمه الله ممن رحل وكتب وجمع وصنف وحفظ وذاكر
ولزم الدين والورع الخفي والعبادة الدائمة والصلابة في السنة والطبق على أهل البدع
ولم يشك عوام البصرة يعد من البدلاء غيره فمن اجتمع فيه هذه الخصال لم استحق مجانية روايته
فإن قال لمخالفته الأقران فيما روى في بعض الأحايين يقال له
وهل في الدنيا محدث ثقة لم يخالف الأقران في بعض ما روى
===================
الكتاب بصورته التى وضعها المؤلف كان صعبا على طلبة العلم
لذلك قام الأمير علاء الدين على بن بلبان الفارسى المتوفى فى 739 هـ
بترتيب الكتاب على صورته الحالية
والتى جعلته سهلا على طالب العلم ولاقت قبولا كبيرا لدى الدارسين
ولا يفتنا ان نلفت الانتباه ان بالكتاب زوائد كثيرة على الصحيحين
وتبلغ نحوا من الفان وستمائة وسبعة واربعون حديثا وهو عدد لا شك يعتبر كبيرا جدا
وفى تقسيم وترتيب ابن بلبان حرص على ان يبقى على كلام بن حبان
الذى ترجم به لكل نص من النصوص والذى يمثل الجانب الفقهى للنص
والذى حرص ابن حبان ان يوصله لمن يطالع كتابه
================
تم طبع الكتاب طبعات عديدة قد يكون اشهرها
ا – طبعة بتحقسق احد محمد شاكر فى القاهرة دار المعارف 1372 هـ
ودار ابن تيمية فى عام 1406 هـ
2 – طبعة بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان صدرت عن المكتبة السلفية
فى المدينة المنورة فى عام 1390 هـ
==================