وصف الجنة ونعيمها
أين نجد السعادة بأبهى وأقوى صورها؟
لا المال يحققها، ولا الحب يحققها، ولا الجاه ولا الأبناء. لا سعادة إلا
في الجنة. السعادة المتكاملة، واللذة الحقيقية، والبهجة الكاملة توجد في
الجنة.
هناك الكثير من الشباب والبنات لا ssيحلمون بالجنة. لأن الدنيا بين
أيديهم، ينهلون منها بغير حساب. عرفوا كيف يحبون. وكيف يكسبون المال.
تعلموا في الدنيا وانشغلوا بها. كل منهم يتخيل في خلوته بنفسه كيف سيكون
قصره بعد عشر سنوات. وكيف سيكون رصيده في البنك. ويحلم بمن سوف يتزوجها.
وبالأطفال الذين سيرزق بهم. لكن الكثيرين منا لا يحلمون بالجنة.
كيف يمكن تخيل السعادة في الجنة؟
وكيف يمكن أن يكون هذا الخيال حقيقة؟
فلنتأمل كلام النبي صلى الله علية وسلم عن الجنة بنا
وخيالنا وليس بعقولنا. وأنا متأكد أن من يقرأ كلام النبي صلى الله علية
وسلم عن الجنة وهو مصاب بالاكتئاب ويعاني من المشاكل والديون وافتقاد
الذرية، سوف تسمو روحه ويزهد في الدنيا ويتطلع إلى الجنة بما فيها من
سعادة متكاملة. وسوف يقول لنفسه حين يدرك غفلته: هل أضحي بكل هذه السعادة
من أجل متع زائلة خلال سنوات قليلة أعيشها في الدنيا؟ ما قيمة عمرك في
الحياة لو قورن بحياتك في المالانهاية؟
يقول النبي صلى الله علية وسلم في حديث قدسي عن الله عز وجل: " أعددت
لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".
ويقول الله تبارك وتعالى:
(فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرّة أعين جزاءً بما كانوا يعلمون) (السجدة:17).
ماذا سمعت من الكلام الحلو، ومن ألوان الطرب والغناء؟ ماذا سمعت من أحلى
وألذ الكلمات؟ فما بالك إذا سمعت النبي صلى الله علية وسلم بأذنيك. وإذا
استمعت إلى الله وهو يكلمك؟
تخيل الجنة. مهما تخيلت، الجنة أحلى بكثير، ولا خطر جمالها على قلب بشر.
اسرح بخيالك الخصب كما تريد، وتخيل ألواناً من اللذات والنعيم التي لا
تتصور من جمالها ومن روعتها، وأقول لك: ولا خطر على قلب بشر، فالجنة أحلى.
ولكن اسمع لحديث: "أعددت"، هل هذا فعل ماض أم مضارع؟ الجنة أعدت من زمن
سحيق، والحديث قيل من 1400 سنة بصيغة الماضي. تخيل استقبال الله تبارك
وتعالى لنا. يقول: "أعددت". ولم يقل أمرت ملائكتي أن تُعد.
كل المشكلات التي كنت تعاني منها في الحياة الدنيا، انتهت، وأنت على باب
الجنة: لن تمرض. وستعيش في الجنة بعمر الشباب الدائم (33 سنة)، ولن تموت
ولن تيأس.
لا مساواة في الجنة
هل تتساوى أنصبة الناس جميعاً في الجنة؟
يقول النبي صلى الله علية وسلم: "سأل موسى ربه، فقال: يا رب دلني على أدنى
أهل الجنة منزلة. فقال لله عز وجل: يا موسى لك آخر رجل يخرج من النار.
يخرج من النار حبواً. ينظر إليها ويقول: الحمد لله الذي نجاني منك.. فيقول
له الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة. فيذهب فينظر إليها فيخيل إليه أنها
ملأى. فيعود ويقول: يا رب وجدتها ملأى. فيقول الله عز وجل له: أما ترضى أن
يكون لك مثل مُلك أعظم ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: يا رب لا تهزأ بي وأنت
رب العالمين. فيقول له الله عز وجل: لك مثل مُلك أعظم ملك من ملوك الدنيا
ومثله ومثله ومثله.
فيقول العبد في الخامسة: رضيت يا رب رضيت يا رب. فيقول له الله عز وجل: لك
مثل مُلك أعظم ملك من ملوك الدنيا وعشرة أمثال. ولك فها ما اشتهيت وتمنت
عينك وأنت فيها خالد.
فقال موسى: يا رب.. أذلك أدناهم منزلة؟! قال: نعم يا موسى. فقال موسى: يا
رب فمن أعلاهم منزله؟ فقال الله عز وجل: يا موسى أولئك الذين أردت. زرعت
كرامتهم بيدي" (رواه أحمد).
تسبيح أهل الجنة
ويقول رسول الله صلى الله علية وسلم عن أهل الجنة: " يلهمون التسبيح
والتكبير كما يلهمون النفس" (رواه مسلم). رغم أن أهل الجنة غير مكلفين بأي
عبادة لكنه تسبيح فرحة واتصال بالله عز وجل. وطوال الوقت في الجنة ترى
أشياء لم تتصورها أبداً. فتقول مبهوراً: لا إله إلا الله سبحان الله الله
أكبر.
قالوا: يا رسول الله. حدثنا عن الجنة. فقال النبي صلى الله علية وسلم:
"لبنة من ذهب ولبنة من فضة. ملاطها المسك. وحصباؤها اللؤلؤ وسقفها عرش
الرحمن" (متفق عليه).
هل بعد ذلك لا تزال تتمسك بمباهج الدنيا؟
هل لا تزال غير قادر على التوبة؟
ولا تزالين غير قادرة على الحجاب؟
ولا تزال غير قادر على الصلاة في المسجد؟
إن في الجنة شجرة تمشي في ظلها مائة سنة فلا تقطعها. تخيل مساحة الجنة.
وتخيل لو عملت رحلة في الجنة، تُنجزها في كم ألف سنة؟ وتخيل المناظر
الطبيعية التي تراها خلال فسحة في الجنة.
يقول النبي صلى الله علية وسلم: "ألا من مشمر للجنة. فإن الجنة لا خطر لها
فهي والله نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر حسناء جميلة وحلل كثيرة". فقال
الصحابة: نحن المشمرون يا رسول الله. فقال: قولوا: "إن شاء الله" (متفق
عليه).
يقول الله تبارك وتعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) (يس:55).
أي منشغلون بألوان النعيم. فالله سبحانه وتعالى ينشىء في الجنة لذات جديدة غير لذات الدنيا التي نعرفها.
فلذات الدنيا التي نعرفها هي الأكل واللبس والفسح وعلاقة الرجل
بالمرأة..أما في الجنة فينشئ الله لذات جديدة لا نعرفها. أولها رؤية الله
عز وجل.
ألا يدفعك شوقك إلى الجنة للتوبة وبر الوالدين وصلة الأرحام وتقوى الله عز وجل والكسب الحلال؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إن ما بين المصارعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصري".
مفاتن الجنة
هل يمكن أن نقاوم المعصية بالحلم بالجنة؟
نعم..قل لنفسك: هل أضيّع جنة عرضها السموات والأرض من أجل نصف ساعة معصية؟
يقول النبي صلى الله علية وسلم: "لقاب قوسين في الجنة خير من الدنيا وما فيها" (رواه الترمذي). هذا التاج خير من الدنيا وما فيها.
يؤتى بأنعم أهل الدنيا وهومن أهل النار. فينغمس فيها غمسه في النار ويقال
له: هل رأيت نعيماً قط ؟ فيقول :لا والله ما رأيت نعيما قط ، ويؤتى بأشقى
أهل الدنيا وهو من أهل الجنة، فيغمس غمسه في الجنة ثم يقال له: هل رأيت
شقاء قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما رأيت شقاءً قط. لم لا تكون أحلامنا
الأساسية هي أحلام الجنة؟ وهل يتساوىالحلم بالجنة بالحلم بشاليه صف أول
بالساحل الشمالي؟
يقول الله تبارك وتعالى:
"لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد" (ق: 35).
الحب الحقيقي
كل ما تتمناه تجده وأكثر منه. بيدك أن تأخذه ليتمشى معك في الجنة!
هل حلمت باستشعار أجمل لحظات الحب الذي لم تجده في الدنيا، فوجدت أحلى منه في الجنة؟
يقول الله تبارك وتعالى: (إنا أنشأناهن إنشاءً) (الواقعة 35).
ذلك عن نساء الدنيا. أما الحور العين على جمالهن وروعتهن، فإن نساء الدنيا
يأتين إلى الجنة أجمل من الحور العين، ويكن سيدات قصور الجنة التي يسكنها
الحور العين.
يقول الله تبارك وتعالى:
"إنا أنشأناهن إنشاءً – فجعلناهن أبكاراً – عرباً أتراباً" (الواقعة: 35-37)
أي في سن ال33. والعُرب هي التي تجيد فن العشق الذي يأخذ بقلب الزوج.
يقول ابن القيم: فإذا دخلت قصرها – المرأة من أهل الدنيا التي تدخل الجنة
أضاء منه كل شىء. فإذا تحدثت مع زوجها ذهل عن الجنة وما فيها.
يا من تبحثون عن الحب، وارتكبتم آلاف المعاصي باسم الحب في الدنيا، وأضعتم إيمانكم بالله وكم الموصولة بالله، من أجل شهوة حب حرام. إنكم لا تعلمون أن الحب الحقيقي في الجنة. الذي لا خيانة فيه ولا معصية ولا جراح.
جاء في الأثر: (يشتاق الأخ إلى أخيه في الجنة فيقرب الله سرير هذا من سرير
هذا، فيقول الأخ لأخيه: أتذكر متى غفر الله لنا؟ فيقول له: نعم يوم كذا
وكذا وكنا نفعل كذا وكذا).
ويحكي النبي عن أهل الجنة فيقول: "لا اختلاف بينهم ولا تباغض. هم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشياً" (رواه البخاري ومسلم).
وأحلى ما في الجنة رؤية الله عزوجل