ذكر الله الحى القيوم الواحد الأحد الفرد الصمد

ذكر الله الحى القيوم الواحد الأحد الفرد الصمد



الحمد لله، إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونؤمن به ونستغفره ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله
إلا الله وحده لاشريك له ينادي في ملائكته الذين صعدوا إليه بأعمال
عباده وصحائفهم، وهو أعلم سبحانه وتعالى، ينادي عليهم وفيهم فيقول سبحانه
وتعالى : (ماذا يفعل عبادي؟) أي عباده المؤمنون، (ماذا يفعل عبادي؟) وهو
أعلم ما يفعل عباده، ولكنه التنويه بعباده المؤمنين، فتقول الملائكة
الأمينة على وحي الله، الأمينة على أسرار الله، وعلى أعمال العباد، تقول
ياربنا: ( يحمدونك ويكبرونك ويسبحونك). هذا شأن العباد الذين هم عباد الله
حقا، لا العباد العاقون لربهم الذين يعيشون في تعاسة. تقول الملائكة :
يسبحونك، يحمدونك، يكبرونك، بكل أعمالهم، إذا تحركوا ففي تسبيح، وفي تمجيد ،
وفي تحميد، وفي تكبير، بالألسنة وبالأفعال، وقبل ذلك بالقلوب، بكل حركاتهم
وأفعالهم. فيقول الله عز وجل: (وهل رأوني؟ ) فتقول الملائكة: (لا والله ما
رأوك!) فيقول الله جل جلاله: (فكيف لو رأوني؟) فتقول الملائكة ـ لأنهم
علموا من خلال أعمال هؤلاء العباد كيف يتطلعون إلى الله، كيف يحبون الله
حبا عظيما لا حدود له ، كيف يحبون الله أكثر من النفس، وأكثر من الأهل،
وأكثر من الولد، وأكثر من المال، وأكثر من الناس أجمعين، كيف لو رأى أحباب
الله حبيبهم الله رب العالمين؟ كيف لو رأى حبيب الله حبيبه الله رب
العالمين؟ (فكيف لو رأوني؟) فتقول الملائكة : ( لو رأوك ياربنا لكانوا أشد
لك عبادة، وأشد لك تحميدا وتمجيدا، وأكثر لك تسبيحا، إنهم يسبحونك ولم
يروك، فكيف لو رأوك)، لكنهم علموا الله من خلال خلقه وآياته في الكون،
فيقول سبحانه وتعالى: (ماذا يسألون ؟)، ماذا يسألون مني؟ ماذا يسأل عباد
الله وهم في هذه الدنيا ربهم؟، (ماذا يسألون؟)، فتقول الملائكة ـ الأمينة
على أعمال العباد، الكرام الكاتبون ـ تقول الملائكة: (يسألونك الجنة). إنها
الجنة يا أيها الأحباب، ماهي الجنة؟ فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا
خطر على قلب بشر. (يسألونك الجنة) فيقو ل الله جل جلاله: (وهل رأوها؟)،
فتقول الملائكة: (لا والله ما رأوها)، فيقول رب العزة : (فكيف لو رأوها)،
فتقول الملائكة: (لو رأوها لكانوا أشد لها حرصا، وأعظم لها رغبة، وأكثر لها
طلبا)، نعم لو رأوها لشغلتهم عن كل شيء، إن هذه الدنيا تحجب بيننا وبين
الجنة ولو رأينا الجنة لاحتقرنا الدنيا ولصارت في منظرنا لاتساوي شيئا
ولكنه الحجاب عن الجنة هو الذي يجعل الناس يعكفون على الدنيا حتى يعبدوها
من دون الله رب العالمين، فيقول الله عز وجل بعد ذلك : ( ومما يستعيذون؟)
فتقول الملائكة: (ياربنا يستعيذون من النار) نعم من النار، إن الجنة والله
لاينام طالبها، والنار لاينام هاربها، فالهارب من النار لاينام حتى يسمع
نداء ربه يوم القيامة (لاخوف عليكم ولا أنت تحزنون)، وطالب الجنة لاينام
حتى يسمع قول ربه يوم القيامة : ( ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم
تحزنون)، فيقول الله جل جلاله: (وهل رأوها؟)، فتقول الملائكة لا
والله مارأوها) مارأوها، لكنهم آمنوا بها إيمان اليقين، وعلموا بها علم
اليقين، فيقول رب العزة جل جلاله: (وكيف لو رأوها؟) فتقول الملائكةلو
رأوها ياربنا لكانوا أشد فرارا منها، وأشد مخافة منها)، نعم أيها الأخ
الكريم جرب نفسك في نار الدنيا التي هي جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، هل
تطيق أن تمسها بأصبعك؟ هل تطيق أن تقترب منها ؟ هاته التي هي جزء من سبعين
جزءا من نار جهنم. ماذا يقول رب العزة جل جلاله بعد هذا الحوار مع
ملائكته؟اسمعوا أيها العباد ! ياأيتها الإماء! ياأيها الإخوة! يا أيتها
الأخوات! اسمعوا إلى إجابة رب العزة لملائكته، يقول جل جلاله: (أشهدكم أني
قد غفرت لهم) ماذا بعد هذا؟ عندما تُـغفر ذنوبك، وتُـستر عيوبك، وتعطى
جوازا إلى جنات النعيم، فيقول ملك من ملائكة الله: (يارب فيهم فلان ، إنما
جاء لحاجته)، فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجته، ماجلس ليذكر كما جلسوا،
ولكنه جاء لحاجته، فيقول الله ، فيقول الكريم، فيقول الرحيم الرحمن: (هم
القوم الذين لايشقى بهم جليسهم) هؤلاء هم بركة الله على عباد الله وعلى أرض
الله، هؤلاء هم المباركون، هم الأخيار، هم الفضلاء، أينما حلوا حلت معهم
بركة الله ، وخير الله، وفضل الله، وأما غير هؤلاء فهم شؤم الناس الذين
لاخير فيهم. [/size]