بسم الله الرحمن الرحيم
}وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ{
(القلم 4)
وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فى قوله تعالى
}وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ{
أنه : ذكر لنا أن سعيد بن هشام رضى الله تعالى عنه أنه :
سأل أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
عن خلق رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقالت
[ ألست تقرأ القرآن ؟ ]
قال بلى
قالت رضى الله تعالى عنها و عن أبيها
[ فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن ] .
ومعنى هذا أنه عليه الصلاة والسلام صار امتثال القرآن أمرا ونهيا سجية له وخلقا تطبعه
وترك طبعه الجبلي فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه
هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم
وكل خلق جميل
كما ثبت في الصحيحين عن أنس رضى الله تعالى عنه قال:
[ خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط
ولا قال لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته
وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ولا مسست خزا ولا حريرا
ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مسكا
ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ] .
و في الحديث:
( إن الله عز وجل لما أراد هدى زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة ما من علامات النبوة شيء
إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه
يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما قال زيد بن سعنة
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه
فأتاه رجل على راحلة كالبدوي فقال يا رسول الله لي نفر في قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام
وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا وقد أصابتهم سنة وشدة وقحط من الغيث
فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا
فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تغيثهم به فعلت فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليا
فقال يا رسول الله ما بقي منه شيء
قال زيد بن سعنة فدنوت إليه فقلت يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما
في حائط بني فلان إلى أجل معلوم إلى أجل كذا وكذا قال لا لا تسمي حائط بني فلان
قلت نعم فبايعني فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا
فأعطا الرجل وقال اعدل عليهم وأغثهم بها
قال زيد بن سعنة فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاث
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان في نفر من أصحابه
فلما صلى على الجنازة ودنا إلى الجدار ليجلس إليه أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه
ونظرت إليه بوجه غليظ قلت له يا محمد ألا تقضيني حقي فوالله ما علمتم بني عبد المطلب لمطلا
ولقد كان بمخالطتكم علم ونظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير
ثم رماني ببصره فقال يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتصنع به ما أرى
فوالذي نفسي بيده لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلي في سكون وتؤدة فقال يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا
أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن اتباعه
اذهب به يا عمر فأعطه حقه وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته
قال زيد فذهب بي عمر فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر فقلت ما هذه الزيادة يا عمر
قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك قال وتعرفني يا عمر
قال لا قلت أنا زيد بن سعنة قال الحبر قلت الحبر قال فما دعاك إلى أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم
ما فعلت وقلت له ما قلت قلت يا عمر لم يكن من علامات النبوة شيء إلا
وقد عرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه
يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما
و قد اختبرتهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا
وأشهدك أن شطر مالي فإني أكثرها مالا صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم
قال عمر أو على بعضهم فإنك لا تسعهم قلت أو على بعضهم
فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال زيد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر رحم الله زيدا)
الراوي : زيد بن ثابت رضى الله تعالى عنه
المحدث : الهيثمي
المصدر : مجمع الزوائد الصفحة أو الرقم : 8/242
خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات