المسلمون حول العالم

المسلمون في روسيا



قد يختلف وضع المسلمين في روسيا عنه في أي بلد أوروبي،

من حيث كونهم لا يعدون أقلية أو مجموعة من المهاجرين،

بل هم شريحة من سكان روسيا الأصليين التي وصلها الإسلام

في القرن الثالث الهجري (عبر وفود الخليفة العباسي المقتدر

بالله التي دعت ملكها الماس خان بن سلكي للدخول في الإسلام،

وهو ما تم وتأسست أول دولة مسلمة في الشرق الأوروبي وهي

دولة البلغار

).

وثمة أبحاث دينية عن القرآن الكريم ومخطوطاته تشير إلى أن

أقدم نسخة منه موجودة في روسيا،.وأن نسخة القران تلك تسمى

" قران عثمان " وهى اول نسخة للقرآن تم على أساسها فيما

بعد عمل كل النسخ اللاحقة. حيث كتب القرآن على أوراق الرق

وهى جلد الضان وقد عولج بشكل خاص وهو عبارة عن ورق

كبير الحجم لان الورقة الواحدة من جلد شاة واحدة.

والتحليل الاشعاعى الكربونى الذى اجرى فى هولندا دلّ على ان

هذه المخطوطة تعود الى القرنين الثامن والتاسع الميلاديان.



§ بلغ تعداد مسلمي روسيا مع بداية عام 2005 أكثر من

20 مليون نسمة، ليشكلوا بذلك 14% من سكان روسيا

(مع اعتبار تعداد سكانها نحو 140 مليوناً).


§ يتوزع مسلمو روسيا على مساحة كبيرة من الأراضي

الروسية، تشمل 14 جمهورية ومنطقة إدارية، وتعتبر أماكن

تجمعاتهم مناطق شديدة الحساسية لجغرافيا الدولة الفيدرالية،

وهي على الشكل التالي:


6 ست جمهوريات + إقليم إداري وسط روسيا وعلى حدودها

مع كازاخستان جمهوريات.

7 جمهوريات في شمال القوقاز على الحدود مع جورجيا

وأذربيجان وأرمينيا وعلى مقربة من حدود تركيا وإيران.



§ تعد باشكيريا (5 ملايين نسمة) من أهم الجمهوريات

الإسلامية، ومن أهم مراكز المسلمين في روسيا، كما تعد أهم

مراكز الدعوة الإسلامية في القسم الأوروبي من روسيا.



§ تحتل جمهورية تتارستان أهمية كبيرة لمسلمي روسيا

(4مليون مسلم)، وتمتاز مدنها بالطابع الإسلامي خصوصًا في

قازان، وهو ما جعلها وجهة للسياح المسلمين والأوروبيين.



§ يضاف إلى باشكيريا وتتارستان الوجود الإسلامي الواضح

والمؤثر في الشيشان وداغستان.

يمكن رصد مجموعة نقاط تؤشر إلى تطور في أوضاع

المسلمين وديانتهم في روسيا خلال عقد من الزمن

.

- زادت بشكل كبير حركة إنشاء المساجد وتأسيس الجمعيات

الإسلامية الهادفة إلى زيادة وعي الشعب الروسي بالإسلام.



- قيام حركة ترجمة موسعة للقرآن الكريم وأهم الكتب الإسلامية

وإصدارها باللغتين العربية والروسية.

- تضمن الدستور الروسي بنوداً تعطي للمسلمين حقوقًا

متساوية مع القوميات الأخرى.


- تزايد عدد الدارسين للإسلام ومبادئه وأحكامه في الجامعات

الروسية التي أنشأت أقسامًا خاصة بالدراسات الإسلامية،

علاوة على وجود الجامعة الإسلامية في العاصمة الروسية

موسكو.

- التوسع في أعداد معتنقي الإسلام وسط مواطني روسيا حيث

أحصي تعدادهم في أيار 2004 بـ 20 ألف مسلم روسي جديد في

العاصمة موسكو وحدها مقارنة بـ 15 ألف أشهروا إسلامهم في

عام 2003، و 12 ألفًا في عام 2002 . دون أن يقلل من أهمية

ذلك ما يقال عن أن الإقبال قد ردّ حينها إلى حالة التعاطف التي

أبداها الروس إزاء حالات التعصب والكراهية ضد الإسلام

والمسلمين، والنظر إلى الإسلام على أنه دين الأقلية المستضعفة

المظلومة..

أجواء الحرية النسبية التي يعيشها المسلمون الروس،


والمؤشرات الإيجابية السابقة لم تحل دون رصد بعض من

الصعوبات والمشكلات التي تواجه ديانتهم. ومن أهمها:



ضعف الوعي الديني لمسلمي روسيا، فكثير منهم لا يستطيعون

تأدية الصلاة، ولا يدركون معنى الشهادتين، وربما لا يستطيعون

نطقها، وليس هناك التزام جدّي أو واضح من الأجيال الشابة

الوسطى بتأدية الشعائر، وعلى رأسها الصلاة، وهذا يختلف عن

كبار السن والشيوخ المرتبطين بالإسلام بصورة قد تثير الدهشة

والإعجاب.

ضعف مؤسسات الدين الإسلامي في المجتمع الروسي وندرة

الكوادر الإسلامية وغياب الدعم العربي والإسلامي لمسلمي

روسيا، حيث اقتصر الدعم العربي من دول مثل السعودية

والكويت خصوصًا، على طبع المصاحف ونفائس الكتب

الإسلامية وترجمتها، وإنشاء بعض المساجد والمراكز، وتمويل

رحلات الحج إلى الأراضي المقدسة.


تزداد حدة هذه المشكلة في الريف الروسي لاسيما في جمهورية

باشكيريتا حيث غدت تنتشر فيها دعاوى وثنية وبوذية، ويسيطر

السحر والخزعبلات على عقول المواطنين، وهذا ما فتح الباب

على مصراعيه للموجات التبشيرية لدرجة رُصدت فيها

12 منظمة تنصيرية من مجلس الكنائس العالمي لتنصي

ر المسلمين واختراق صفوفهم.

· معاناة مسلمي روسيا من ضعف الروابط الدينية فيما بينهم


وتغلب النزعات العرقية يؤثر سلباً ويحول دون توحدهم

أو تجمعهم في كيان سياسي أو ديني مؤثر، وهو ما نتج عنه

ضعف وغياب شديد لدورهم في الحياة السياسية الروسية..

فالمسلمون الذين يشكلون 10 - 20 % من سكان روسيا،

لا يوجد وزير واحد يحمل ديانتهم في الحكومة الروسية كذلك في

الأجهزة والمؤسسات المهمة داخل الحكومة! بينما اليهود لا يزيد

تعدادهم على 1 % من المجتمع الروسي، ويشغلون 25 % من

المناصب الوزارية، ويسيطرون سيطرة شبه تامة على وسائل

الإعلام ومجالات المال والأعمال.



· مشكلة المرجعية الدينية، وحالة التشتت التي يعانيها

مسلمو روسيا بسبب تعدد الإدارات الإسلامية، فهناك دار الإفتاء

لعموم روسيا، وهناك الإدارة الإسلامية لمسلمي روسيا، والإدارة

الإسلامية للقسم الأوروبي في روسيا، ومجلس المفتين الروس،

وبسبب هذا التعدد تشتت المسلمون وبرزت الخلافات والتشرذم

فيما بينهم، رغم الوساطات الحثيثة لرابطة العالم الإسلامية

والأزهر الشريف لصهر هذه المؤسسات في بوتقة واحدة تعبر

عن الغالبية العظمى من مسلمي الاتحاد الروسي.



· يضاف إلى ذلك أجواء عدم الثقة بين المسلمين الروس وهذه

المؤسسات، بسبب ما يقال عن ولاء هذه المرجعيات التام

للكرملين، وعمل الكثير منهم كـ(عيون) للسلطات. إذ يسجل هنا

تأييدهم المسلك الروسي في التعامل مع القضية الشيشانية،

وجاء ذلك على لسان طلعت تاج الدين، مفتي عموم روسيا،

الذي عدّ هذه القضية شأنًا داخليًا روسيًا، وهو ما أثر كثيراً

على مصداقيته وسط مسلمي روسيا.


· قيام الحرب في الشيشان، وما صاحبها من تفجيرات ضربت

كبرى المدن الروسية مثل موسكو وسان بطرسبرغ، وما تلا ذلك

من اختطاف الرهائن في المسرح الكبير بموسكو، وأحداث

مدرسة بيسلان التي لقي فيها أكثر من 400 طفل مصرعهم بعد

احتجازهم على يد مجموعات شيشانية، وتفجير الطائرات؛ أسهم

كل ذلك في خلق حالة من العداء ضد المسلمين هناك، استثمرتها

الأقلية اليهودية لتزيد من حدة العداء لهم، فدأبت تحاول إظهارهم

كـ ( الطابور الخامس للمتطرفين والإرهابيين

) في الأراضي



الروسية، والادعاء أن مراكزهم ومؤسساتهم الإسلامية ما هي

إلا مراكز لتدريب الأصوليين والإرهابيين لترويع الشعب

الروسي، وتصويرهم كأنهم متآمرون على وحدة التراب

الروسي. كما يعمل اليهود على أعاقة أي إمكانية للتوصل إلى

تسوية للصراع في الشيشان إذ اعتبروا الصراع فرصة ذهبية

لإذكاء العداء لمسلمي روسيا، وهو ما ظهر جليًا في تزايد حدة

الاعتداءات على المراكز الإسلامية وارتفاع معدل الجرائم ضد

تجمعاتهم، وتحالف اليهود مع اللوبي الفاشي اليميني

لتنسيق



تحركات الطرفين ضد المسلمين الروس. وظهرت تجليات هذه

المساعي في عدد كبير من الحوادث كإحراق أكثر من 15 مسجدًا

في موسكو، وسان بطرسبورغ، وفوكاغراد، واغتصاب العديد

من النساء المسلمات وقتلهن، وإغلاق 6 مساجد في جمهورية

قياددينا بلقاريا، بدعوة منع مساهمة هذه المساجد في نشر

الأفكار المتطرفة، حيث لم يبق إلا مسجد واحد في عاصمة

هذه الجمهورية لأداء الشعائر.

· تضع هذه التطورات مسلمي روسيا بين نارين، نار الإرهاب

الذي لا يرحمهم، ونار عدم الثقة والعداء الذي بدأ ينمو عند

مواطنيهم الروس غير المسلمين.

· نجح المسلمون الروس في تقليل آثار الحملة اليهودية التي

شنت ضدهم عبر مشاركتهم في إدانة الإرهاب بكل صوره،

والتأكيد على أنهم ضحايا لهذه الظاهرة، وقد أسهم هذا في خلق

جو من التعاطف معهم واندماجهم في المجتمع الروسي.



· أبدى المسلمون الروس أكبر قدر من الدعم والتأييد للقضايا

العربية والإسلامية عبر خروجهم في مظاهرات تدين المجازر

الإسرائيلية في فلسطين، وتدين الاحتلال الأمريكي للعراق

، وتنشيط تحركات تطالب بمقاطعة بضائعهم، وكذلك عبر

تظاهرات أخرى تدين مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومحاولات

واشنطن الهيمنة على ثروات المنطقة، ورغم ما قيل عن طابع

سياسي لهذه التظاهرات، واحتمال تنظيمها بإيعاز من الكرملين؛

إلا أنها لا شك تكشف حنينًا كبيرًا من مسلمي روسيا لجذورهم

الإسلامية.


· دعم المسلمون في روسيا دعوة الرئيس بوتين بانضمام روسيا

لمنظمة المؤتمر الإسلامي، رغم ما قيل عن رغبة بوتين من

خلالها محاصرة المقاومة الشيشانية، وإظهارها بمظهر التمرد،

وتجفيف منابع الدعم العربي والإٍسلامي، والإيحاء للعالم

الإسلامي أن النهج التتارستاني الذي يعيش في مودة وانسجام

في المجتمع الروسي هو السائد وليس النهج الشيشاني.



المصدر : المنبر


فواصل اسلامية لتزيين المواضيع والتواقيع